مدينة سورية تقع بين خطي طول 36 و39 شرقا وخطي العرض 35و37 شمالا. وهي مدينة قديمة جدا قيل في تسميتها (حلب الشهباء) إن خليل الله إبراهيم كان يحلب بقرة شهباء على التل الذي أقيمت عليه قلعة حلب عند مروره من بلاد ما بين النهرين إلى كنعان فكان أهل القرية يقولون إن إبراهيم حلب الشهباء. أنشئت حلب في برية قفراء خالية من الأشجار، إلا أنها كانت بلدة تجارية راجت فيها التجارة إلى أقصى درجة حتى صار أهلها على جانب عظيم من الغنى والثروة. وكانت مركز حكومة رومانية تمتد حتى الفرات. ولما رفرفت أعلام المسلمين في سورية وتمكن الإسلام في فلسطين أمر الخليفة عمر بن الخطاب وهو في بيت المقدس أن يكون يزيد ابن أبي سفيان أميرا على فلسطين والثغور وأبو عبيدة بن الجراح في سورية الشمالية من حوران حتى حلب، وحرضه على فتح المدائن التي لم تكن قد خضعت لهم بعد. فسار أبو عبيدة وأتى قنسرين فخرج إليه أهلها مستسلمين فقبلهم بعد أن تعهدوا أن يدفعوا الجزية، ثم سار إلى حلب وكانت ذات قلعة وأسوار وحصون منيعة لا يعادلها غيرها في الشام وكان القيصر الروماني قد أقام فيها حاكما يتولاها مع ملحقاتها. وفي أثناء ذلك مات الحاكم تاركا ولدين اختلفا بشأن تسليم المدينة أحدهما جنح للسلم والآخر للحرب. ولما شاعت أخبار قرب الفاتحين من حلب خاف التجار من القتال وتعطيل تجارتهم وخرابهم، فاجتمعوا واستقر رأيهم على أن يسلموا المدينة للفاتحين فيعاملوهم بالحلم والشفقة، فبعثوا وفدا منهم لمقابلة أبي عبيدة وليعقدوا معه شروط تسليم المدينة. ولكن خرج أحد ابني الحاكم مع بعض من رجاله للقاء المسلمين دون أن يعلم بأمر التجار. وقاتل مقدمة الجيش فكسرها وعند انفصال القتال علم بما كان من التجار فانسحب من المعركة ودخل المدينة وأخذ يقتل من أهلها ناسبا إياهم إلى الخيانة، فعلم أخوه بذلك وأقبل يرجوه العفو عن الناس فوبخه وقال له لعلك أنت سبب الخيانة وضربه فقطع رأسه. واشتد الهرج وجاء المسلمون فكسروه وقتلوا من جيشه الكثيرين فدخل القلعة وكانت محصنة تحصينا جيدا وتقع خارج المدينة وتم دخول المسلمين إلى حلب دون قلعتها. وعقد أبو عبيدة وخالد بن الوليد مشورة لحصارها ثم حاصروها حصارا شديدا وأقاموا على ذلك خمسة شهور لم ينالوا منها، فكتب أبو عبيدة إلى الخليفة يستأذنه بالانسحاب عن الحصار، فأجابه أن يقيم عليها ولا يبرحها حتى يفتحها لئلا يستخف به العدو، وبعث إليه مددا من الرجالة والفرسان. وبعد أن أقاموا زمانا ثار من بينهم عبد يقال له دامس وكان من فحول الرجال وطلب أن يصحب بثلاثين من نخبة الأبطال وسار فتوصل بحيلة إلى القلعة وقتل بعض الحراس وكانوا سكارى وفتح الأبواب فدخلها المسلمون عام 14هـ / 636 م. ولقد نالت حلب استقرارا نسبيا خلال فترة الأمويين حيث شيد فيها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك المسجد الكبير، ثم وقعت بعد ذلك في منطقة الصراع بين العباسيين من جهة والطولونيين من جهة أخرى فكانت تخضع لهؤلاء تارة ولأولئك تارة أخرى. ولقد ظلت على ذلك الحال حتى حكم بني حمدان الشام، وأعلن سيف الدولة الحمداني حلب عاصمة ملكية لدولة بني حمدان الذين كانوا يوالون الدولة العباسية. وبعد وفاته تولى حكم حلب ابنه أبو المعالي شريف فأصلح أحوالها وزاد عمارتها ثم وصل الملك في حلب لسعد الدولة بن حمدان. وبوفاته عام 285هـ / 898 م نصب كبير دولته لؤلؤ ابنه أبا الفضائل بن حمدان ثم ثار لؤلؤ عليه وأخذ البلد منه ومحا الدعوة العباسية وخطب للحاكم العلوي عزيز مصر. ثم غزاها البيزنطيون في القرن العاشر الميلادي وأعملوا فيها الخراب وخلصها منهم الفاطميون والسلاجقة، ثم غزاها الصليبيون وجعلوا من المناطق المحيطة بحلب خرابا، وسدوا منافذ الطرق التجارية الموصلة إليها، إلا أن الزنكيين (الذين ينتسبون إلى عماد الدين زنكي) استطاعوا أن يردوا الصليبيين على أعقابهم، وشهدت المدينة في ذلك العهد نموا اقتصاديا وعمرانيا كبيرا. وطوال حكم الزنكيين لم تهنأ حلب بهدنة فقد كانت عرضة لهجمات الصليبيين. وكان النصر بينهما سجالا ولم ينل الصليبيون من حلب غرضهم في احتلالها مع أنهم أتوها وحاصروها. ولكن فيضان النهر أتاهم بغتة فأضر بمعسكرهم ضررا بليغا فانسحبوا عنها إلى أنطاكية ولم تزل حلب عرضة للزلازل تتعاقب عليها مرة بعد أخرى فإنه في عام 533هـ / 1139 م حدثت زلزلة هائلة فيها أعقبتها زلزلة أخرى عام 565هـ / 1170 م فهدمتها، ثم أعيد ترميمها. ثم تولاها السلطان صلاح الدين الأيوبي وأدخلها في دولته، ثم انتقلت لدولة المماليك بانتقال سورية إليهم فأصبحت تحت لوائهم عاصمة الولاية ال سورية واستمرت كذلك إلى أن دهمها التتار بقيادة تيمورلنك. فهرب المسلمون نحو المدينة وازدحموا في الأبواب ومات منهم خلق عظيم والعدو وراءهم يقتل ويأسر وأخذ تيمورلنك حلب عنوة بالسيف وصعد نواب المملكة وخواص الناس إلى القلعة وكان أهل حلب قد جعلوا غالب أموالهم فيها. فأعطى الأمان لأهلها ثم غدر بهم وأخذ كل ما في القلعة من الأموال والأمتعة مما لا يحصى. ثم أنزل العقاب والعذاب بسكانها وقتل وأسر منهم عددا غير قليل وهدم وحرق ونبش جوامعهم ومدارسهم وبيوتهم. ثم عادت حلب إلى العمران مع الأعلام العثمانية يتقدمها السلطان الغوري صاحب مصر، حيث قاتل التتار وأخذ حلب وغيرها عام 923هـ / 1517 م. وجعلت الدولة العثمانية حلب من ولاياتها على أنها لم تكن منفصلة عن سورية بل منضمة إليها وكانت الدولة ترسل إليها النواب والعمال كما ترسل لسائر المدن والثغور فأخذت المدينة تزدهر وتتقدم من جديد ولا سيما أنها كانت مركزا هاما للتجارة ومفتاحا لدخول آسيا حيث وافاها كثيرون من الإفرنج. وفي عام 1013هـ / 1605 م ثار علي باشا على الدولة في زمان السلطان أحمد الأول وسار إلى بعض مدائن سورية فأخذها حتى بلغ دمشق وأخذها. ثم استرجع السلطان أحمد المدن السورية بتدبير محمد باشا الصدر الأعظم عام 1015هـ / 1607 م. ثم قامت حرب مهولة دامت ثلاثة أيام بالقرب من حلب ولم يظهر النصر لأي الفريقين حتى شاعت الأخبار بقدوم والي الشام ووالي طرابلس فخاف علي باشا وأذعن للدولة العلية وسار إلى الأستانة العلية فاستقبله الوزير وأكرمه وسمح له أن يعود إلى سورية. واستقر حال حلب حتى عام 1068هـ / 1658 م فجرى في نواحيها حركة من إبراهيم باشا أحد المدعين للخلافة العثمانية وجرى بين جنود الدولة وذلك الثائر حرب مهولة أفضت إلى أسر المدعي إبراهيم باشا. وفي عام 1145هـ / 1733 م أصيبت حلب بزلزلة مهولة دمرت أكثر بيوتها وقتل كثير من أهلها. ولقد استمر حكم العثمانيين نحو أربعة قرون تخللها احتلال إبراهيم باشا لحلب ( 1246- 1256هـ / 1831 -1840م). وانتهى حكم العثمانيين مع نهاية الحرب العالمية الأولى، وفرض الانتداب الفرنسي على سورية ومنها حلب، وظل السوريون يقاومون هذا الانتداب حتى تم في عام 1365هـ / 1946 م جلاء القوات الفرنسية والإنجليزية وانتهى الانتداب بعد معارك طاحنة.
ملاحظات:
* الأسماء بالأزرق لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة، و قد وجبت الإحاطة بهم للفائدة و لتواصل الترتيب الزمني لقائمة الحكام أعلاه.
الأسماء بالأحمر لحكام من نفس السلالة حكموا في نفس الوقت مع الحاكم الأول إما بالإتفاق معه أو بالخروج عليه، حسبما أوردناه في خانة الملاحظات. الأسماء بالأخضر لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة.