تاريخ الحكام و السلالات الحاكمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الرجوع إلى الصفحة الأولى مسرد بقائمة البلدان و المناطق الجغرافية، الوارد ذكرها في الموقع مسرد بقائمة السلالات الحاكمة مسرد بقائمة الحكام مسرد بقائمة المدن، الوارد ذكرها في الموقع مسرد الخرائط سجل الزوار و الملاحظات
  

كلمة إفتتاحية

 

مرت أكثر من خمس سنوات على أول محاولة لي لإنشاء هذا الموقع، و كان مما منعني من التعريف بالموقع هو دأبي على أن يكون العمل متقناً، و قد بذلت أقصى ما أملك من جهد و خصصت كل ما نوفر لي من وقت، رغم الانشغالات الأخرى، و كان برنامجي يتلخص في تخصيص بعض الساعات أسبوعياً لهذا العمل، ثم اقتنعت بعدها أن الكمال لله وحده، فقررت أن أنشر العمل كما هو مع عيوبه و أخطائه، و قد تعلمت أن الأخطاء و العمل الدءوب وحدهما كفيلان بأن يأخذا بنا إلى إنجاز العمل المتقن.

 

الأسباب و الدوافع المباشرة لإنجاز هذا الموقع

 

-        الكتابات التاريخية القديمة و مشاكلها: ليس من اليسير على أي واحد منا، مهما بلغ تعلقه و شغفه بالتاريخ، مطالعة كتاب في التاريخ - كالبداية و النهاية لابن كثير أو تاريخ بن خلدون مثلاً - و محاولة فهم ثم الربط بين الأحداث التي يقوم المؤرخ بسردها، فعلى سبيل المثال و لا حصر، يمضى ابن خلدون في سرده بطريقة سريعة و تراه يروي في خبر واحد عدة حوادث ثم ينتقل بعدها إلى سرد حوادث جرت في ناحية أخرى ثم يعود مرة أخرى فيكمل سرد الخبر الأول، إن هذا الانتقال السريع في السرد و كثافة المعلومات و تناثرها، تدفع بالقارئ العادي إلى الملل فتراه ينفر من قراءة هذه الأخبار- على ما فيها من فائدة تاريخية -  و يكتفي بأن يقلب الكتاب بحثاً عن طرفة أو نادرة وقعت لأحد الملوك أو الأمراء فيسرح معها ذهنه في سهولة و يسر، و يجنب نفسه مشقة التركيز و التفكير الذين يتطلبهما قراءة الفقرات الأخرى.

    في الحقيقة فإن المنهج الذي دأب عليه المؤرخون القدامى – و الذين و الحق يقال لا يمكن لومهم على ذلك -، قلت أن هذا المنهج و اللغة المستخدمة – لا أقصد اللغة بالمعنى المتداول – يبدوان بعيدان عن اللغة التي يتداولها الناس اليوم. علينا استخراج المعلومات من بطون كتب التاريخ، و تقديمها في صورة مشوقة و تتماشى مع ما يفهمه أبناء هذا الجيل. إن إدراك الشباب لتاريخهم و معرفتهم به، من الأسباب التي ستزيدهم بلا شك ثقة في أنفسهم، و تزيل عنهم عقدة النقص التي تراودهم  كلما واجهوا أقرانهم من الحضارة الأخرى.

 

-        الكتابات التاريخية المعاصرة و مشاكلها: و هؤلاء المؤرخون الجدد ليسوا كلهم على قدم سواء. مشكلة هذه الكتابات إما أنها تتوجه إلى جمهور متخصص، أو أنها تستعمل نفس الوسائل التي استعملها الأقدمون في إيضاح حججها -مع ما يتوفر لدينا اليوم من وسائل حديثة تسهل عملية الاستيعاب-، و أخيرا تبقى هذه الكتابات تراوح مكانها الجغرافي فلا تصل إلى الجهات الأخرى المتعطشة للعلم.

 

-        الإقبال الكبير الذي تلفاه هذه الوسيلة (الانترنت) وسط الشباب: إن الوصول إلى هذه الفئات من المجتمع لابد أن يتم عن استعمال نفس وسائل التخاطب التي تستعملها هذه الأخيرة. تبرز أهمية الانترنت من خلال تكلفتها القليلة و اتساع مدى تأثيرها.

 

 

الفئات التي يتوجه إليها هذا الموقع

 

قد تبدو هذه الفئات متمايزة عن بعضها البعض لأول وهلة، إلا أنها تشترك في العديد من القواسم. يجب علينا أن نتعامل معها كوحدات من جزء أكبر، و تجنب المنطق الذي يريد أن نتعامل مع كل فئة على حدا، و بمعزل من الفئات الأخرى. لا يكفي فقط أن نحدد هذه الفئات ثم ننتظر أن تسعى إلينا من تلقاء نفسها. إن عملية إيصال هذه المدارك إلى متلقيها، من الأهمية بمكان. هنا ندرك أهمية هذه الوسائل الحديثة الموضوعة بين أيدينا اليوم. علينا أن نحسن استغلالها إلى أقصى درجة.

 

-        الشباب من كل التوجهات: مع دخولنا عصر المعلوماتية، طور الشباب و بسرعة لغتهم الخاصة بهم، ووجد الكثير من الآباء أنفسهم في الطرف النقيض من هذا العالم الغريب. إن الهوة بينهما آخذة في الاتساع، يجب علينا أن نعي و بسرعة هذه التحولات حتى لا نتسبب في ضياع جيل آخر كما ضاع سابقوه. تتيسر لنا اليوم فرصة ذهبية قد لا تعوض علينا أن نستغلها. حتى نستطيع إيصال هذه المدارك إلى هذه الفئة، علينا أن نفهم أولاً طريقة تفكيرهم، و الوقوف على وسائل تخاطبهم و استعمالها عند الحاجة إلى التخاطب معهم. سنتكلم عن الأشياء لاحقاً – راجع الوسائل - .

 

-        فئة الناس البسيطة في تفكيرها والمتعطشة للثقافة: و هذه الفئة تعجز عن نهل الثقافة من مصادرها الأصلية مباشرة،  إما لانشغالها بتصريف أمورها اليومية، أو لعدم توفرها على رصيد كافي من العلم يسمح لها القيام بتلك العملية. ودورنا ودور كل إنسان مثقف هو أن نأخذ هذه المعارف ثم نحاول أن نقدمها في صورة ميسرة لهذه الفئة. إن هذه الفئة تشكل الأكثرية. و قد بدأت في التحول إلى استعمال وسائل التلقي الحديثة – كالانترنت-، و لو أن عملية التحول أبطئ من سابقتها – نقصد الشباب-. يجب أن نهيئ لها هذه العملية، و أن نوجهها، قبل أن يقوم غيرنا بهذه العملية.

 

-        فئة من الناس و التي يغلب عليها التكوين الديني: هناك فئة من الناس في العالم العربي، تكونت لديها صورة قاتمة عن العالم الآخر. تكتفي هذه الفئة بانتقاء مصادرها من الكتب القديمة و يغلب المنحى الديني في تفسيرها للأشياء. إن من أهم أسباب هذا الجهل في نظري هو غلبة النظرة الثنائية للعالم عند هذه الفئة كما قلنا، فهو إما أبيض أو أسود، فالذي ليس بالأبيض هو أسود حتماً، تماماً كما صور لنا المؤرخون عالمهم أثناء فترات الحروب الصليبية و غيرها – العالم مقسم إلى اثنين أو دارين: الأولى للحرب و الثانية للسلم -، لا تزال الصورة نفسها تراوح مكانها في أذهاننا و لم تتغير رغم مرور ألف عام أو يزيد . التاريخ  ولا شك يعيد نفسه، و الأحداث التي يعرفها العالم العربي تبدوا و كأنها صورة مستحدثة لأحداث وقعت قبل قرون. و لكن! إن إتباع هذا المنطق وحده في تفسير الأحداث لا يكفي. لقد مرت على العالم تغيرات كثيرة أثناء هذه الفترة. لا يزال البعض يردد مقولة "عندما كانت أوروبا في عصر الظلام". إن هؤلاء الغربيين كشفوا و لا زالوا يكشفون العديد عن العديد من الجوانب المظلمة من تاريخهم، في الوقت الذي لا زلنا فيه نحن نكتفي بأن نستعيد ما كتبه الماضون منا. من الأسباب الموضوعية الأخرى لتفسير هذه الظاهرة في رأيي هي عدم الإلمام الكافي بالثقافة الأجنبية، و هو ما يجعلها تنطوي على ذاتها و لا تحاول أن تنظر للآخر على أنه قرين و لكنه عدو. إنه من واجبنا أن نفتح عقول هذه الفئة على الثقافات الأخرى، و أولى الخطوات في هذا المنحى، هو التعريف بتاريخ الشعوب الأخرى، تاريخ هذه الشعوب بأكمله و ليس فقط ما يوافق هوانا، علينا أن نكون موضوعيين مع أنفسنا – سأكمل هذه الفكرة في فقرة التعريف بالتاريخ العالمي -.

 

-        الفئات المتغربة: إن العديد من العرب و المسلمين اختاروا سواء عن طواعية أم لا، العيش بعيدا عن عالمهم. عاشت أجيال كثيرة منهم بعيدا عن ثقافتهم، فتسبب ذلك في خسارة العديد من أبناء الجيل الثاني منهم. إن الاستغلال العقلاني لوسائل الاتصالات الحديثة يكمن أن يعيد ربط هؤلاء الناس بمحيطهم الأصلي. إن نجاحنا في هذا سيدفع بهذه الفئة من المجتمع من الانتقال من دور المتلقي إلى دور أكثر فعالية، و حينئذ نكون قد أضفنا إلى رصيدنا تنوعاً و ثراء نحن في أشد الحاجة إليه – قد يظن البعض أنني أدعوا إلى ثقافة الآخر،  يجب أن لا نبسط الأمور دائماً، إن هذه المرحلة ستحتاج إلى رجال متشبعين بالثقافة و الروح العربية الإسلامية، و في نفس الوقت يجب أن تكون عقولهم متفتحة على ثقافات أخرى و صدورهم واسعة لتقبل الأفكار الأخرى -.

 

الأهداف

 

-        أهمية وعي التاريخ في تكوين الأمة: و أود أن أركز على كلمة وعي التاريخ و ليس التوقف عند قراءته فقط. علينا أن نعترف أن عملية الوصول بأمتنا إلى درجة وعي تاريخها من الأمور المعقدة و المهام العسيرة. إن عملية استنباط التاريخ لا تتم دفعة واحدة، و قد لا تكون ميسرة لأي واحد منا، نحن لا نستطيع أن نجبر الناس على أن يقرؤوا تاريخهم، فالناس مختلفون و لكل منهم طبيعة و أهواء مختلفة. نحن لن ندعي أننا سنقوم بإيلاج هذه المدارك في عقول كل فرد من أفراد أمتنا. وجب أولاً أن يكون في هذه العقول الأهلية لتلقي هذه المدارك. و لا شك في وجود شريحة كبيرة من مجتمعنا ممن تتوفر فيهم هذه الأهلية. علينا أن نستهدفهم أولاً. هناك شريحة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى، إنها شريحة الشباب، و هم عماد و مستقبل هذه الأمة. إن شغف البعض منهم بحضارة الغرب، هو نتيجة عدم تمكنهم من إيجاد البديل محلياً. .

 

-        كتابة التاريخ في شكل مبسط: صياغة التاريخ في شكل أبسط، و هذا حتى تسهل على شباب هذه الأمة - و هم هدفنا الأول- مطالعته، و كذا جلب انتباه فئة كبيرة من الناس ممن يقف تصور التاريخ عندها على يرد في كتب السيرة و ما كتبه كبار المؤرخين كابن كثير و الطبري. و يدخل ضمن هذا الإطار، استعمال ما أمكن مما يسمى بالوسائط السمعية و المرئية، و أحب أن أركز هنا على الصور و الخرائط، و هي من الأشياء يستوعبها الناس بشكل أسرع.

 

-        إيضاح التاريخ الإسلامي: من خلال رسم صورة كاملة و مترابطة عنه كوحدة و ليس كوحدات.

 

-        تجميع المصادر و النصوص: حتى يسهل على الباحث العثور على مادة بحثه.

 

-        التعريف بالتاريخ العالمي: إن فهم تاريخ و حضارة الآخر سيغير حتما نظرتنا للتاريخ بشكل عام و لتاريخنا بشكل خاص، سيجعلنا ذلك نبحث عن أوجه للمقارنة، سيجعلنا نطرح أسئلة أكثر موضعية عن تاريخنا، قد نتوصل بعد عناء إلى أن نزيل عن أذهاننا تلك النظرة المثالية التي رسمناها له في أذهاننا، و لعل الإجابات عن تلك الأسئلة ستكون أولى المعالم التي ستهديننا إلى إيجاد الطريق الصحيح، الطريق الذي ظللنا عنه منذ أكثر من خمسة قرون من الزمن.

 

طريقة العمل

 

 قبل أن نبدأ، سنقف عند نقطة مهمةً. كيف يمكننا التوصل إلى أن نكون صورة متكاملة عن التاريخ؟

 

-        عملية ربط الأحداث التاريخية: هناك جوانب كثيرة من تاريخنا لا زلت مجهولة، إما لأن البعض من المؤرخين الكبار قد أسقطوه عن عمد، ولكل سببه في ذلك، أو لأننا لم نكلف نفسنا عناء البحث عنه. إن هذه الحلقات من تاريخنا - سواء كانت كبيرة أو صغيرة -، هي من الأهمية بمكان، إذ لا غنى عنها حتى نستطيع ربط الأحداث التاريخية مع بعضها البعض، كما أنها تعطينا فكرة أوضح عن تطور و تفاعل هذه الأحداث. شيء ثاني لا بد من لفت الانتباه إليه. هناك العديد من الناس، ممن ليس باستطاعته أن يضع الأحداث التاريخية في موضعها، فأنت لو طلبت من أحدهم أن يضع حدثين كالحروب الصليبية و دولة هارون الرشيد  في إطارهما التاريخي – لا نقصد بهذا استعادة التواريخ -، فهو لا  بد أن يستعيد في ذهنه أحداث تاريخية مهمة، تكون له بمثابة نقطة البداية على معلم الحوادث لديه، فيتمكن من تحديد الأحداث الأخرى على ضوئها، و تنحصر هذه النقاط غالبا في حدثين – نتكلم هنا عما يدور في ذهن المواطن العربي العادي، و على سبيل المثال -، الهجرة النبوة و قيام الدولة الإسلامية كنقطة أولى، ثم الثورة والاستقلال كنقطة ثانية. نعود إلى صاحبنا، فهو سيحاول عبثاً إيجاد حدث يربط بينهما فلا يتوصل إلى نتيجة، ثم يحاول استعادة الأحداث انطلاقا من نقطتي البداية في معلمه، فيجد نفسه في مواجهة مشكلة أخرى، أحداث عديدة تختزنها ذاكرته، إلا أنه يعجز دائما عن وصلها مع بعضها، فصاحبنا لا يعي أي من العصرين استبق الثاني عصر هارون الرشيد أم عصر الحروب الصليبية، لأنه و رغم إلمامه بتفاصيل هذه الأحداث، فهي تبقى تتفاعل بمعزل عن الأحداث الأخرى. إن التغطية الكاملة للأحداث، صغيرها وكبيرها، و على طول هذه المعالم، وحدها ستسهل علينا وعلى صاحبنا عملية ربط الحوادث.

-    إن معرفة تواريخ وقوع الحوادث وحدها غير كافية لفهم تسلسل الأحداث. إن معرفتنا و إدراكنا لطريقة تفاعل الأحداث التاريخية مع بعضها البعض،  ستساعدنا على استيعابها بطريقة أفضل و أسرع، و عندها فقط ستقوم أذهاننا و بطريقة تلقائية بترتيب هذه الحوادث، و من دون الحاجة إلى معرفة تواريخها.

 

-        كتابة التاريخ في شكل مبسط: قد يقول البعض إن التاريخ و الأحداث متداخلة مع بعضها البعض فكيف يمكننا أن نبسطها و نسهل عملية استيعابها على من ليس له إلمام أو اهتمام بالتاريخ. أولاً: حتى نستطيع أن نفك هذا الأحداث، يجب أن نتصور الأبعاد التي يمكن أن نحدد على أساسها أي من هذه الأحداث. ثانياً: حتى نسهل عملية الاستيعاب يجب أن تكون هذه الأبعاد من الأشياء التي يمكن على أي واحد منا إدراكها بسهولة. إن عاملي الزمان و المكان من العوامل التي لا يمكن أن نستغني عنها عند تأريخنا للأحداث. كان أول حدث صاحب ظهور التأريخ هو نشأة الحضارة، و جرت العادة أن يبدأ مع كل حضارة جديدة تأريخ جديد، ثم توالت على العالم حضارات عدة، حتى أصبح تداول هذا المصطلح شائعاً فلزم استعمال مصطلح آخر و هو الدولة للتفريق بين كل من ينتمي إلى حضارة واحدة. على أنه يجب أن لا نخلط بين الدولة السياسية و هي الكيان السياسي القائم، و بين الحدود الجغرافية لهذا الكيان. فالذي يعنينا هنا هو الكيان السياسي القائم. و هذا البعد الثالث سيكون مكملا للبعدين السابقين. سنوضح هذه الفكرة أكثر في الفقرات التالية.

 

-        استعمال الوسائط المرئية و غيرها: كالصور و الخرائط و غيرها. قد يستعصى على الأشخاص تصور الأفكار و هي على حالتها المجردة. تحاول دائما ذاكرة الإنسان ربط الأشياء -المادية و المعنوية- التي تختزنها بصورة تماثلية مألوفة لديها. إن الصورة و ما تختزله من معلومات، تقوم بإيصال الفكرة مباشرة و من دون الحاجة إلى السرد و الشرح.

 

وأخيرا أتمنى أن يلاقى هذا العمل تجاوبا من طرف جمهور المتصفحين، والله من وراء القصد ...

 

            فراس الطيب

 

 

إلى الصفحة الأولى

Copyright © 1999-2005 Firas Tayyib  البحث، النشر و التصميم فراس الطيب 

 جميع الحقوق محفوظة © 1999-2006 تاريخ الحكام والسلالات الحاكمة - يمنع نسخ أو إعادة نقل المعلومات من الموقع لأغراض تجارية بدون موافقة المشرف، غير أنه يسمح بنسخ و إعادة نقل المعلومات لأغراض شخصية، تربوية أو غير ربحية (تجارية) مع اشتراط ذكر المصدر عند إعادة نقل المعلومة.