مدينة أندلسية تقع في الغرب الأسباني ، تتفرع سفوح جبالها من سلسلة جبال سيرا مورينا، الممتدة شمالي المدينة. وتمتد قرطبة على الضفة اليمنى لنهر الوادي الكبير، الذي ينحني طفيفا في مجراه نحو الغرب مؤلفا أهم طريق طبيعي في أسبانيا الجنوبية. وقرطبة مدينة إيبيرية قديمة البناء، كان اسمها (إيبيري بحت) وترجم بالعربية إلى قرطبة. تأسست قرطبة في العصر الروماني عام 152 ق.م على نهر الوادي الكبير. وذاعت شهرتها منذ الصراع بين قرطاجنة وروما، عندما اصطحب هانييال معه نفرا من أهل قرطبة في حملته على روما. وفي عام 206 ق.م استولى عليها القنصل الروماني لوثيو مارثيو، ثم اتخذها الرومان منذ عام 169 ق.م عاصمة لأسبانيا السفلى. واتسع نطاقها في عهد الحاكم الروماني ماركوس كلوديوس مرثيلو الذي زينها بالأبنية الرائعة والأسوار المنيعة التي اشتهرت بها العمارة الحربية الرومانية. وهكذا دخلت قرطبة في سلك الإمبراطورية الرومانية وعمرت وازدحمت بالأسر الرومانية النبيلة. وفي القرن الأول الميلادي، استطاع قائد الإمبراطور يوليوس قيصر أن يستولي عليها بعد موقعة "مندا" عام 45م. ثم أصبحت عاصمة إقليم باطقة بعد أن قسم الإمبراطور أغسطس قيصر أسبانيا السفلى إلى اقليميي لوزيتانية وباطقة. ثم أصبحت بعد ذلك واحدة من أربعة مراكز قضائية في أسبانيا الجنوبية بجانب قادس و إشبيلية وإستجة. وعندما غزا الفندال والسواف والألان شبة جزيرة إيبيريا عام 409م، استولى الفندال على إقليم باطقة، واستولوا على إشبيلية، وجعلوها عاصمة الإقليم. أما قرطبة فقد ظلت خاضعة للبيزنطيين حتى نجح ملك القوط الغربيين ليوفخلدو أخيرا في الاستيلاء عليها عام 568م، وأقام بها أسقفية. ثم أخذت قرطبة تفقد شيئا فشيئا أهميتها أمام طليطلة ، التي تفوقت عليها منذ أواخر القرن السابع الميلادي. وفي عام 93هـ / 711 م فتحت قرطبة أبوابها لجيوش المسلمين بقيادة طارق بن زياد. وكان الفتح الإسلامي للمدينة أمرا هينا ميسورا، حيث بعث طارق بن زياد قائده مغيث الرومي إلى قرطبة في سبعمائة فارس، فأقبلوا نحو المدينة ليلا يسترهم الظلام -وقد أغفل حرسها حراسة سورها- ونجح بعض رجال مغيث في ا رتقاء ممشى السور، ووثبوا داخل المدينة، وفاجئوا حراس بابها الجنوبي، فقتلوا منهم نفرا وفتحوا الباب، فتدفقت منه جيوش المسلمين، وفتحوا المدينة. وأصبحت قرطبة ، بعد فتح المسلمين لها ، حاضرة أسبانيا الإسلامية، واستعادت مكانتها القديمة التي سلبتها إياها طليطلة. ومنذ عهد أيوب بن حبيب اللخمي، استقر بها ولاة الأندلس قرابة ثلاثة قرون حتى سقوط الخلافة الإسلامية في الأندلس. ولقد احتفظ أهلها من النصارى بحريتهم الدينية والمدنية مقابل ما كانوا يدفعونه من جزية وفقا لعهد المصالحة بينهم وبين المسلمين. أما تاريخ قرطبة الإسلامية فيبدأ منذ عهد السمح بن مالك الخولاني الذي ولي الأندلس عام 100هـ / 719 م، وهو الذي رفعها إلى مصاف الحواضر الكبرى. وكان السور الروماني الذي يحيط بقرطبة قد تهدم في بعض أجزائه، وتفتحت العاصمة للداخلين إليها والخارجين منها، فأعاد السمح بناء هذه الأجزاء المهدمة من اللبن، إذ أن المسلمين كانوا حديثي عهد الأندلس لا يعرفون بعد مقاطع أحجارها. وفي عام 139هـ / 756 م بدأ نجم قرطبة بالصعود عندما أعلنها عبد الرحمن بن معاوية المعروف بعبد الرحمن الداخل عاصمة له بعد أن سانده مسلمو الأندلس، ونادوا به حاكما عليهم. وقد جعل عبد الرحمن قرطبة، مهدا للعلم والثقافة ومركزا للفنون والآداب في أوروبا كلها، فقام بدعوة الفقهاء والعلماء، والفلاسفة والشعراء. فكانت أكثر مدن أوروبا سكانا. وفي عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر، وابنه الحكم المستنصر من بعده، وصلت قرطبة مستوى من الرخاء والثراء لم تبلغه حاضرة أخرى من قبل. ولقد نافست قرطبة في عهدهم بغداد عاصمة العباسيين، والقسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، والقاهرة عاصمة الفاطميين. ووصل سفراء البلاط القرطبي إلى بلاد بعيدة مثل الهند والصين يحملون لملوكها من خليفة المسلمين في الغرب، رسائل مليئة بالمودة والصداقة والسلام، بينما تقاطر على البلاط الأموي مبعوثون ومندوبون عن أباطرة البيزنطيين وألمانيا وملوك كل من فرنسا وإيطاليا والمماليك الأخرى في أوروبا وشمال أسبانيا، وزعماء البربر، وأمراء ورؤساء القبائل الإفريقية، حاملين معهم الهدايا الثمينة والغريبة. وكان الخليفة يستقبلهم وحوله حاشية من رجال سياسة وعلم وثقافة، فيقدم لهم من الكرم وال جود ما يبهرهم، ويقوم على تسليتهم أفضل الشعراء والمغنين والموسيقيين، فيعود الضيوف إلى بلادهم وقد بهرهم ما شاهدوه في بلاط الخليفة المسلم. وظلت قرطبة تنعم بهذا التفوق على سائر مدن أسبانيا زمنا، حتى سقطت الخلافة الأموية عام 404هـ / 1013 م، حين ثار جند البربر على الخلافة ودمروا قصور الخلفاء فيها، وهدموا آثار المدينة، وسلبوا محاسنها. ومنذ ذلك الحين انطفأت شعلة تفوقها، وتخلت عن مكانتها السامية لإشبيلية. ورغم هذه العواصف التي هزت كيانها استطاعت أن تحتفظ ببعض عظمتها وتفوقها في المجال الفني والصناعي والأدبي، حتى فتحها فرناندو الثالث في 29 من يونية سنة 1236م / 633 هـ.
وأثار سقوط قرطبة في أيدي النصارى الحزن والأسى في نفوس المسلمين، وتحول مسجدها الجامع الكبير إلى كنيسة كبرى، وهجرها عدد كبير من سكانها المسلمين فاستبدل فرناندو بهم سكانا آخرين من قشتالة وليون وقطالونية وغيرها من أقاليم أسبانيا النصرانية.
ثم دخول بن الأحمر ؟؟؟ و أخيرا سقطت في أيدي القشتاليين
ملاحظات:
* الأسماء بالأزرق لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة، و قد وجبت الإحاطة بهم للفائدة و لتواصل الترتيب الزمني لقائمة الحكام أعلاه.
الأسماء بالأحمر لحكام من نفس السلالة حكموا في نفس الوقت مع الحاكم الأول إما بالإتفاق معه أو بالخروج عليه، حسبما أوردناه في خانة الملاحظات. الأسماء بالأخضر لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة.