المدينة المنورة ثاني الحرمين ومنزل الرسول صلى الله عليه وسلم وبها مسجده ومقر هجرته وتقع في الحجاز بالمملكة العربية السعودية عند خط عرض 28َ 24ْ شمالا وعند خط طول 36َ 39ْ شرقا. وهي تبعد عن البحر الأحمر حوالي 160 كيلو مترا وعن مكة المكرمة (عاصمة إقليم الحجاز) حوالي 350 كيلو متر إلى الشمال. والمدينة المنورة أو يثرب كما هو اسمها القديم نسبة إلى (يثرب بن قائد بن عبيل) من عرب العمالقة الذين ملكوا البحرين والحجاز ومصر. وتعرف المدينة بأسماء كثيرة منها أثرب، وطيبة، وطابة، والعذراء، والقاصمة، ودار الهجرة. كانت يثرب القديمة في أول الأمر في منطقة محدودة تقع في الشمال الغربي من قلب المدينة المنورة الحالية حيث تقع هذه المنطقة في سهل منبسط من الأرض يبدأ من شمال جبل سلع ويمتد إلى أطراف جبل أحد ويسير في الاتجاه الغربي من جبل أحد محاذيا لوادي قناة إلى أن يصل إلى القسم الأخير من مجرى وادي بطحان. والمدينة المنورة أو يثرب سكنها العرب منذ القدم، كما سكنها اليهود الذين هاجروا إليها بعد هزيمتهم من بختنصر ملك بابل عام586 ق.م، لكن كانت هذه الهجرة محدودة إلى أن نكل بهم الرومان في عهد تيتوس عام 70م، وكان أول من نزل المدينة من اليهود ثلاث قبائل هم بنو قريظة -بنو النضير- بنو قينقاع (أو بنو يهدل) ، وكان اليهود قد نزلوا المدينة قبل الأوس والخزرج، وهما قبيلتان قحطانيتان جاءتا من مملكة سبأ في اليمن قبل حادثة سيل العرم وخراب سد مأرب. وعندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة اجتمع المهاجرون من مكة مع إخوانهم الأنصار من أهل المدينة، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وأبرم معاهدة مع اليهود وكانت تنص هذه المعاهدة على أن للمسلمين دينهم ولليهود دينهم، وأن أهل المدينة يد واحدة على من سواهم يتناصرون في الدفاع عن المدينة، كما أنهم يد واحدة على من أراد الفتنة داخل المدينة. بعد أن دخل النبي إلى المدينة ووضع فيها اللبنة الأولى للمجتمع الإسلامي أصبح للمدينة دور بارز في تاريخ المسلمين، فأصبحت المدينة بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم ذات كيان سياسي وعسكري فكانت أول نواة للدولة الإسلامية، وبدأ ذلك بعد غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون مع قلة عددهم وعتادهم - بفضل الله عزوجل - على المشركين مع كثرة عددهم وعدتهم، وكان ذلك في السنة الثانية للهجرة. وفي السنة الثالثة للهجرة أراد المشركون أن يثأروا من المسلمين وما أوقعوه بهم في غزوة بدر فأعادوا الكرة مرة ثانية، وكان ذلك قرب المدينة عند جبل أحد، حيث سميت هذه الغزوة باسم هذا المكان (غزوة أحد). وفي السنة الخامسة من الهجرة تآمر على المدينة عدوان شرسان، عدو من الداخل وهم يهود بني قريظة، وعدو من الخارج وهم قريش وحلفاؤها ، وكان قوام جيش المشركين حوالي عشرة ألاف مقاتل، وعندما بلغ النبي الخبر جمع الصحابة واستشارهم فيما يلزم عمله لمواجهة الموقف، فاجتمع الرأي على التحصن بالمدينة، وعدم مواجهة هذه الحشود الضخمة خارجها، وأشار سلمان الفارسي بحفر خندق في المنطقة الوحيدة التي يمكن أن يدخل منها الجيش إلى المدينة، فتصبح المدينة مغلقة كالحصن القوي، وتم إنجاز هذا الخندق في ستة أيام ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم خطة الدفاع عن المدينة، فنقل النساء والأطفال إلى الحصون المنيعة، ورتب صفوف المقاتلين في مواجهة الخندق، وشكل دوريات متحركة على امتداد الخندق لتتابع الحراسة وتنقل المؤونة وتتفقد أطراف المدينة، وقد بلغ عدد المسلمين في ذلك الوقت ثلاثة آلاف مقاتل، ونجحت الخطة المحكمة في حماية المدينة من الأحزاب فلم يستطيعوا النيل من المسلمين، وقد استمر حصار المشركين هذا أربعة وعشرين يوما وبعدها شعر الأحزاب أنهم لن يحققوا شيئا، وفي الليلة الأخيرة هبت ريح شديدة باردة عصفت بخيامهم، وأطفأت نيرانهم، فاشتد يأسهم من تحقيق أي نصر، وقرروا الرحيل، وانسحبوا عائدين إلى بلادهم. ومن ذلك التاريخ تحولت المدينة من بلدة صغيرة في زاوية من زوايا التاريخ إلى مركز لصنع الأحداث والقرارات بل ولصنع التاريخ فكانت عاصمة الدولة الإسلامية التي يقصدها الوفود وتعهد معها المعاهدات وتخرج منها السرايا والجيوش لتغير خريطة المنطقة. وظلت المدينة هكذا من بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقرا للخلافة الإسلامية في عهد الخلفاء الثلاثة الراشدين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب و عثمان بن عفان حتى منتصف رجب عام 36هـ / 657 م. وعندما تولى علي - رضي الله عنه- الخلافة غادر المدينة إلى الكوفة، فأصبحت بذلك الكوفة العاصمة الجديدة، وعندما أصبح معاوية ـ رضي الله عنه ـ خليفة للمسلمين انتقلت عاصمة الخلافة إلى دمشق ، وبذلك قلت الأهمية السياسية للمدينة المنورة، مع الاحتفاظ بمكانتها الدينية. وبعد أن تولى معاوية الخلافة ولى على المدينة أحد الخبيرين بها من الأمويين الأكفاء الذين شهدوا أحداثها الكبيرة وهو مروان بن الحكم، الذي بدأ إمارته على المدينة بنشاط واضح فبنى بيتا بجانب المسجد النبوي من طرف باب السلام وجعله مقرا للإمارة، وفي عام 49هـ / 670 م جاء الأمر بعزل مروان بن الحكم عن إمارة المدينة وتولية سعيد بن العاص، وعندما أراد معاوية ـ رضي الله عنه ـ أن يأخذ البيعة ليزيد بن معاوية عزل سعيد بن العاص وولى مروان بن الحكم مرة ثانية لما يعرفه من حزمه وقدرته على أخذ البيعة ليزيد أكثر من سعيد وكان ذلك عام 54هـ / 674 م ثم عزله مرة أخرى وولى ابن أخيه الوليد بن عتبة ابن أبي سفيان، وكان الوليد ألين من مروان لكنه لم يكن يملك أن يتصرف بغير توجيهات الخليفة، وبعد تولي يزيد الإمارة ولى على المدينة عمرو بن سعيد بن العاص الملقب بالأشدق الذي كان مقيما في دمشق مع يزيد، ولم يكن عمرو غريبا عن المدينة فقد عاش فيها حقبة طويلة عندما كان أبوه أميرا عليها. وفي عام 61هـ / 681 م عزل يزيد عمرو بن سعيد وولى الوليد بن عتبة مرة أخرى، ثم عزل الوليد وولى عثمان بن محمد ابن أبي سفيان، وظلت المدينة تنتشر فيها الفتن إلى أن تولى إمارة المدينة عمر بن عبد العزيز الذي نشر العدل والهدوء والأمان، فقصدها كثير ممن يعيشون جوا مضطربا أو شيئا من الضغط، وبعد إمارة عمر بن عبدالعزيز للمدينة تولى إمارتها عشرة إمراء أمويين كان آخرهم الأمير يوسف بن عروة الذي لم يجد سوى ترك الإمارة بعد هزيمة الأمويين في موقعة الزاب الكبير وسقوط دمشق. وفي عام 132هـ / 750 م دخل داود بن علي المدينة ليطوي في نهاية هذا العام العصر الأموي ، وليبدأ فصلا جديدا هو العصر العباسي الذي بدأ عام 132هـ / 750 م وفي خلال هذه الفترة دخلت المدينة في إمارة عدد من الدول على سبيل المثال الدولة الطولونية وكان ذلك عام 269هـ / 883 م عندما أرسل ابن طولون جيشا لينزع الحج از من يد العباسيين ولم ينجح في ذلك، وعندما جاء خمارويه بعد أبيه أصلح العلاقة مع العباسيين وزوج ابنته قطر الندى للخليفة المعتضد بالله، فعقد له المعتضد بالله الولاية على المنطقة الممتدة من شاطئ الفرات إلى برقة في ليبيا، وبذلك أصبحت المدينة تابعة لإمارة الدولة الطولونية بمصر، وظلت تحت إمارة الدولة الطولونية حتى عام 330هـ / 942 م وبعدها دخلت المدينة المنورة في سلطة الدولة الإخشيدية، وظلت هذه السلطة إلى نهاية الدولة الإخشيدية عام 357هـ / 968 م، وبعدها دخلت المدينة في إمارة الدولة الفاطمية، حيث أكرم الفاطميون أهل الحجاز عامة وأهل المدينة خاصة وأغدقوا عليهم الأعطيات ، وبعد وفاة المعز لدين الله الفاطمي أوقف أمير المدينة الخطبة للفاطميين وأعادها للعباسيين وكان ذلك عام 365هـ / 976 م، ثم عادت في عام 380هـ / 991 م تحت إمارة الفاطميين مرة أخرى، وهكذا إلى أن دخلت في إمارة الدولة العثمانية بعدما دخلت الحجاز تحت سلطة العثمانيين، وأصبحت المدينة تابعة لإمارة مكة بحكم مرسوم السلطان الذي قضى بذلك.
من قبل أمير مكة ثم استقل بها، نسبه الكامل: الحسين بن أبو عمارة "مهنا الكبير" حمزة بن داود بن القاسم بن عبيد الله بن طاهر بن يحي النسابة بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب
ملاحظات:
* الأسماء بالأزرق لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة، و قد وجبت الإحاطة بهم للفائدة و لتواصل الترتيب الزمني لقائمة الحكام أعلاه.
الأسماء بالأحمر لحكام من نفس السلالة حكموا في نفس الوقت مع الحاكم الأول إما بالإتفاق معه أو بالخروج عليه، حسبما أوردناه في خانة الملاحظات. الأسماء بالأخضر لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة.