عاصمة دولة تونس وإحدى أهم المدن الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تطل على خليج تونس لجهة الشرق حيث مرفؤها التجاري المزدهر، وتقع على خط 36ْ 47 39ْ شمالا، وخط طول 7ْ 51ْ شرقي جرينيتش. تونس مدينة تاريخية قديمة عمرت من أنقاض قرطاجنة، وكان اسمها في القديم ترشيش، وهي في الوقت الحاضر مدينتان متصلتان متباينتان تمام التباين تختلف الحياة في إحداهما عن الأخرى اختلافا عظيما، فالأولى مدينة يسكنها أهل البلاد وليسوا جميعا من المسلمين، وهي أثر من آثار القرون الخوالي بقي على حاله أو كاد، أما الأخرى فمدينة أوروبية حديثة النشأة مظهرها جديد وما زالت تنمو وتتسع باطراد. والمدينة القديمة على مسيرة ثلاثة أرباع الميل تقريبا من طرف البركة المسماة ببحيرة تونس، وهي ترتفع شيئا فشيئا من الشرق إلى الغرب حتى تشرف على مغيض من ماء ملح يكاد يجف يعرف بـ "سبخة السيجومي"، وعلى هذا الجانب خارج أرباض تونس ذروة "المنوبية" وفيها مشارف مترامية وإلى الجنوب الشرقي من المدينة وفي كنفها هضبة أبي الحسن وجبل الجلود، وعلى مسافة أخرى تلال "بير كسه" وإلى الشمال هضبتا "بلفادير" و "رأس الطابية" ووراءهما جبل أحمر وجبل نهيل ولا تحول هذه المعارج بين تونس وبين سهولة الاتصال بسهل مرناق ووادي نهر ملينة من ناحية وبسهل منوبة ووادي مجردة من ناحية أخرى كما يصلها ساحل البحيرة الشمالي بحلق الوادي Goulette قرطاجنة وحصونها الطبيعية جيدة وإن لم تكن ممتازة فكثيرا ما احتلت تونس من غير عناء كبير، ولولا صهاريجها لجلب الناس ماء الشرب من بعيد، وموقع تونس موات جدا من الناحية الاقتصادية فهي على المخارج من أواسط بلاد تونس في موضع جد خصيب، وهي قريبة من البحر والصلة بينها وبين السواحل الأوروبية الدانية قريبة. ولم تصبح تونس مدينة عظيمة إلا بعد ذلك بأمد طويل ولم يكن لها شأن خاص في عهود الرومان والوندال والبيزنطيين. وقد افتتحها المسلمون في عهد عبد الملك بن مروان، فنزل عليها من قبله حسان بن نعمان بن عدي الأسدى فسأله الروم أن لا يدخل عليهم، وأن يضع عليهم خراجا يقسطه عليهم فأجابهم إلى ذلك، ولما رجع حسان إلى القيروان رجعت الروم إلى تونس فاستباحوا المسلمين فأرسل حسان من أخبر عبد الملك فأمده بجيش كبير فقاتل به الروم حتى ملكها عنوة وكان ذلك في سنة 70 هـ / 690 م، فأحكم بناءها وجعلها رباطا للمسلمين. ومن ذلك التاريخ برزت مدينة تونس من الظلمات إلى النور وسجلت اسمها في صفحات التاريخ بوصفها المدينة الإسلامية التي ورثت بعض مفاخر قرطاجنة، ثم سرعان ما أخذت تنافس مدينة القيروان، فلما استولى حسان بن النعمان عام 78هـ / 698 م على قرطاجنة العاصمة القديمة ودمرها بادر إلى البليدة القائمة عند نهاية البحيرة وأخذ يحولها إلى قاعدة بحرية تقلع منها الأساطيل في سفرات نائية ويحتمي فيها من مباغتة الروم. ومدينة تونس كانت مجمع المعارضة ومركز مناهضة السلطان في القيروان، وكان الجند من بني تميم الذين تضمهم أسوارها مبعث القلاقل والفتن واشتركت تونس في جميع الفتن التي أخمدها أمراء الأمويين والعباسيين ثم أمراء الأغالبة واشتركت في الثورة الكبيرة التي حمل لواءها منصور الطنبذي ففتحها زيادة الله الأول عنوة وخرب أسوارها عام 218هـ / 833 م، وأنزل بها إبراهيم الثاني كل غضبه بعد فتنة من هذه الفتن ورأى أن يضبط أمورها بنقل بلاطه وقصبة حكومته إليها عام 281هـ / 894 م وشيد لهذا الغرض عددا من المباني منها "القصبة" ولكنه قفل راجعا إلى رقادة بعد عامين اثنين، ولما حاول ابنه عبد الله الثاني أن يعود إلى الاستقرار في تونس عام 290هـ / 903 م قتل في قصر بناه لنفسه وشيكا وقتل قاتلاه وعلق الأول على باب الجزيرة والثاني على باب القيروان ولم تكن الأسباب قد تهيأت بعد لكي تصبح تونس قصبة إفريقية. وقد كانت تونس في أمن ورخاء ما يقرب من قرن حتى وقعت في منتصف القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي تحت سيطرة العرب الهلالية، وغلب الفاتحون الجدد بني زيري الضعفاء على أمرهم فاعتكفوا في المهدية، ووقعت تونس زمانا في يد عابد ابن أبي الغيث أمير بني رياح عام 446هـ / 1055 م لم تأمن على نفسها فدخلت في طاعة الناصر الحمادي صاحب القلعة فأرسل إليها عامله عبد الحق بن خراسان الصنهاجي عام 451هـ / 1059 م، وسرعان ما جاهر هذا العامل باستقلاله فتأسست بذلك أول دولة تونسية، ومكنت هذه الدولة لنفسها قرنا من الزمان إلا عشرين عاما من 487هـ / 1094 م إلى 567هـ / 1172 م حتى دخلها الموحدون بعد ذلك بقرن. وقد أخذ شأن مدينة تونس يعظم حتى أصبحت قصبة إفريقية، وظل هذا حالها من أيام عبد المؤمن عام 554هـ / 1159 م فاندمج تاريخها السياسي في تاريخ سلطنة تونس. وقد أفزعت الناس غارات ابن عبد الكريم الرغراغي الفاشلة عليها عام 595هـ / 1199 م. كما شق عليهم حكم آخر المرابطين يحيى ابن غانية عام 563هـ / 1168 العابر فكان من نصيب الحفصيين أن يعيدوا إلى تونس أمنها وسلامتها وأن يزيدوا في منشآتها وأن يجعلوا منها قصبة جديرة باسمها. وكان أول حفصي تولي شئون تونس واليا للموحدين إلا أن هذا الوالى أبا زكريا لم يلبث أن خلع طاعة الموحدين ولقب بالإمارة ودعا لنفسه على المنابر. وفي أيامه 625-647هـ / 1228 - 1249م عقدت الإمارة الحفصية معاهدات تجارية مع كل من البندقية وبيزا وجنوة، كما تمت في أيامه مرسلات دبلوماسية مع فريدرك الثاني ملك صقلية ومع أرغوان. وفي أيام خليفته عبد الله 647-675هـ / 1249 -1277م كانت بينه وبين النروج وكانم وبورنو، في أواسط الصحراء الافريقية، سفارات. وقد أعلن أبو عبد الله نفسه خليفة وتسمى بأمير المؤمنين عام 650هـ / 1253 م وتلقب بالمنتصر. وبعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد 656 هـ / 1258 م اعترف به شريف مكة خليفة وريثا للعباسيين. وفي عام 668هـ / 1271 م قاد لويس التاسع الفرنسي حملة ضد تونس وهدد المدينة ولكن الحملة باءت بالفشل، إذ توفي لويس وهو على الحصار. وقد مرت تونس بفترة مضطربة بعد وفاة المنتصر امتدت أكثر من قرن، ولم يعد للدولة الحفصية قوتها وتنظيمها ثانية إلا في أيام ثلاثة من كبار حكامها وهم: أبو العباس المستنصر وأبو فارس المتوكل وأبو عمرو عثمان الذين حكموا من 772-893هـ / 1370 - 1488م، وقد كان للدولة في أيام الأخيرين بشكل خاص دور كبير في شئون المغرب العربي، إلا أن السنوات الأخيرة التي امتدت من 893 إلى 982هـ / 1488 -1574م كانت سنوات اضطراب داخلي وخارجي. وقد تعاقبت على تونس حكام استنجدوا بالخارج ودفعوا ثمن ذلك من البلاد. وفي القرن السادس عشر وصل الضعف بالأسرة الحفصية إلى الاستنجاد بالأسبان، وتوقيع معاهدة معهم تعطي الأسبان امتيازات ضخمة تبيح لهم السكنى بجميع أنحاء القطر التونسي، بل وتنازلت لهم عن مدينة "عنابة " و"بنزرت" و"حلق الوادي". وأدى هذا لثورة انتهت بتولية السلطان الحفصي أبي العباس الثاني الذي حكم تونس 942-980هـ / 1536 -1573م لكن الأمور في تونس لم تستقر. وحين اشتد الخلاف بين الأمير الحفصي أبي العباس الثاني ووزيره أبي الطيب الخضار اتصل الأخير بوالي الجزائر وحرضه على احتلال تونس، فانتهز العلج هذه الفرصة وخرج على رأس جيش حيث التقى بجيش الأمير الحفصي عند سهل "باجة" وبعد قتال مرير انخذل أبو العباس وتقدم العلج عليّ صوب المدينة المحاصرة ودخلها عام 972هـ / 1565 م ونصب عليها أحد قواده، وأخذ البيعة بها للسلطان سليم الثاني العثماني، أما أبو العباس فقد لجأ إلى الأسبان مستنجدا بهم، فأعد الملك فيليب الثاني قوة كبيرة لمواجهة تونس على أن يقتسم مع أبي العباس حكم البلاد ودخلها الأسبان بقبول محمد بن الحسن أخو أبي العباس شروطهم. وفي ربيع الأول 981هـ / 1573 م خرجت قوة عثمانية كبيرة من إستانبول على رأسها سنان باشا الوزير العثماني، بالإضافة إلى قوة بحرية بقيادة العلج علي بعد أن أصبح قائدا للأسطول العثماني، وحاصر العثمانيون "حلق الوادي" برا وبحرا فاضطر الأسبان والأمير الحفصي الموالي لهم إلى الهرب والالتجاء للحصون، فلحق بهم الجيش العثماني وتمكن سنان باشا من تضييق الخناق على الحاميات الأسبانية حتى سلمت للجيش العثماني وقبض على الأمير الحفصي محمد بن الحسن وأرسله إلى إستانبول، وانطوت بذلك صفحة حكم الحفصيين في تونس على أيدي الأتراك عام 982هـ / 1574 م الذين ضموا القطر إلى دولتهم المترامية الأطراف. وفي القرن الحادي عشر الهجري / السابع عشر الميلادي احتل أهل الجزائر تونس مرتين أولهما عام 1045هـ / 1636 م والثانية عام 1053هـ / 1643 م وأصبحت فتنا سفكت فيها الدماء، ولم تكن الأسوار من المناعة بحيث ترد هجوما عنيفا. وفي ربيع الأول عام 1117هـ / 1705 م انتقلت الولاية في تونس إلى حسين بن علي فأسس أسرة حاكمة هي الأسرة الحسينية التي استمرت في حكم في تونس إلى الاستقلال وإعلان الجمهورية بها عام 1976م.
زحف تميم بن المعز من المهدية إليه سنة ثمان وخمسين في جموعه ومعه يبقى ابن علي أمير زغبة فحاصر تونس أربعة أشهر إلى أن صالحه ابن خراسان واستقام على طاعته فأفرج عنه
نازله عساكر العزيز بن منصور صاحب بجاية فعاد إلى طاعته سنة أربع عشرة ولم يزل والياً على تونس إلى أن نهض سنة اثنتين وعشرين مطرف بن علي بن حمدون قائد يحيى بن العزيز من بجاية في العساكر إلى إفريقية وملك عامة أمصارها فتغلب على تونس وأخرج أحمد بن عبد العزيز صاح
ثم تغلب على بلاد الجريد ثم نازل تونس سنة تسع وتسعين وافتتحها عنوة وتقبض على السيد أبي زيد، ثم دخل في دعوته أهل بونة وبنزرت وشقبنارية والأربص والقيروان وتبسة وصفاقس وقابس وطرابلس
ملاحظات:
* الأسماء بالأزرق لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة، و قد وجبت الإحاطة بهم للفائدة و لتواصل الترتيب الزمني لقائمة الحكام أعلاه.
الأسماء بالأحمر لحكام من نفس السلالة حكموا في نفس الوقت مع الحاكم الأول إما بالإتفاق معه أو بالخروج عليه، حسبما أوردناه في خانة الملاحظات. الأسماء بالأخضر لحكام من سلالة أخرى أو من لأصحاب دولة أخرى غير المذكورة.